الوجيز في الجرائم الماسة بالأشخاص من انجاز هشام المیلوي
الوجیز في الجرائم الماسة بالأشخاص
+القتل العمد
+التسمیم
+القتل الخطأ
+الإجهاض السرقة
جمع و تنسیق الأستاذ هشام المیلوي
تـــــوطــــــئة
1- تعریف القانون الجنائي الخاص : یتمیز القانون الجنائي الخاص بكونه مجموعة من القواعد القانونیة التي تحدد الأفعال الجرمیة والجزاءات المقررة لها، و هي إما على شكل عقوبات او تدابیر احتیاطیة ووقائیة، و هناك مفهوم أخر یغطي الجانب الشكلي أو الإجرائي للقانون الجنائي و هو تحدید المساطر من ارتكاب الجریمة الى مرحلة النطق بالحكم، و إن كان المشرع المغربي یقصد بها الجانب الموضوعي من القانون دون الشكلي أو المسطري و هو الذي یحدد السیاسة الجنائیة المتبعة و علیه تنقسم دراسة القانون الجنائي إلى قسم عام یعنى بالقواعد العامة للتجریم و تتسم بالتجرید و التنظیر الصرف و بالتالي الشمولیة من حیث المقاربة المتبعة، و القسم الخاص الذي یتناول القواعد الخاصة بكل جریمة على حدة و العقوبة المخصصة لها وفق النموذج القانوني الخاص بها مع بیان عناصرها المادیة و المعنویة.
2- خصائص القانون الجنائي الخاص:
أ-مبدأ الشرعیة:
یعتبر مبدأ الشرعیة الجنائیة السمة الممیزة للقانون الجنائي الخاص باعتباره صمام الأمان للحریات الفردیة من خلال الإقرار بأن لاجریمة بدون نص و بالتالي فهو یقید من سلطة القاضي الجنائي في التعامل مع الجریمة عبر آلیة التكییف للوقائع دون الخروج من مبدأ الشرعیة.
2-أحادیة المصدر:
یتمیز كذلك القانون الجنائي الخاص بكونه أحادي المصدر ، و یقصد به النص التشریعي بمفهومه الضیق و المحدد من طرف السلطة التشریعیة و هو بالتالي لایعطي للقاضي فرصة أو مجال للاجتهاد كما في فروع القانون الأخرى.
3-قانون متحرك:
بما أن القانون الجنائي الخاص هو قانون مرتبط بالواقع و یستمد خصوصیته من الأحداث و تراكم في التجارب، فهو قانون متحرك باستمرار و غیر جامد لارتباطه بتطور موضوعه و هو حمایة المجتمع. و قد خصص المشرع المغربي الكتاب الثالث للقسم الجنائي الخاص و نظمه في جزئین ، الجزء الأول یتعلق بالجنایات و الجنح و الثاني بالمحالفات، و سنقتصر في دراستنا على الجنایات و الجنح ضد الأشخاص و خصوصا الجرائم التالیة :
الفصل الاول : جریم القتل العمد الفصل الثاني : جریمة التسمیم. الفصل الثالث : جریمة القتل الخطأ. الفصل الرابع : جریمة الإجهاض. الفصل الخامس : جریمة السرقة.
الفصل الأول : جریمة القتل
العمد یعتبر القتل العمد من اخطر و أقدم الجرائم التي عرفتها البشریة، فالضرر الناتج عنه هو إزهاق الروح و الحرمان من أقدس حق ألا و هو الحق في الحیاة. و یعرف الفقه القتل العمد بكونه إزهاق روح شخص بدون وجه حق، و تتجلى هذه الخطورة في العقوبة المقررة للقتل العمد و التي تتفق علیها معظم التشریعات والتي تتراوح مابین المؤبد و الإعدام. والقانون الجنائي المغربي قد قسم جریمة القتل إلى جریمة عمدیة و جریمة غیر عمدیة وهي القتل الخطأ، غیر أننا سنقتصر في دراستنا أولا على جریمة القتل العمد و التي سنتعرض لها من خلال دراسة أركانها و الظروف المشددة لها.
المطلب الأول: أركان جریمة القتل العمد. ینص الفصل 392 من القانون الجنائي على أن " كل من تسبب عمدا في قتل غیره یعد قاتلا و یعاقب بالسجن المؤبد ". وتكون جریمة القتل العمد قائمة طبقا لهذا الفصل اعتداء إنسان عمدا بغیر حق على إنسان آخر عن عمد و قصد نتج عنه الوفاة مهما كانت الوسیلة المستعملة.
الفقرة الأولى : الركن المادي للقتل: یعتبر القتل العمد من جرائم النتیجة التي تقتضي وجود نشاط إجرامي و نتیجة إجرامیة و تجمع بینهما علاقة سببیة .
❖ النشاط الإجرامي: كل سلوك إرادي ملموس في العالم الخارجي من شانه التسبب في وفاة إنسان. ویكون النشاط الإجرامي أما سلوك ایجابیا أي القیام بفعل تترتب علیه الوفاة ( الضرب أو الطعن أو الخنق ...) أو سلوكا سلبیا عن طریق الامتناع ( الممرض التي تمتنع عن إعطاء دواء لمریض فیموت .
❖ نتیجة إجرامیة: تتمثل في إزهاق روح إنسان . ولا تقوم النتیجة إلا إذا تحققت الوفاة فتكون جریمة القاتل العمد قائمة وان لم تتحقق لأسباب خارجة عن إرادة الجاني تعتبر محاولة أو شروع.
❖ العلاقة السببیة: لا یكفي لقیام جریمة القتل العمد قیام شخص بفعل أو امتناعه عن فعل أعقبته وفاة. بل لابد من ارتباط النتیجة الإجرامیة بفعل الجاني ارتباطا مباشرا و وثیقا.
إلا أن الإشكال یطرح في حالة تعدد الأسباب وتداخلها في التسبب في الوفاة. لقد انقسم الفقه إلى ثلاث اتجاهات في ما یتعلق في تحدید السبب المؤدي للنتیجة :
● اتجاه السببیة المباشرة : ویرى هذا الاتجاه أن الجاني لا یسال عن النتیجة الإجرامیة إلا إذا كانت متصلة اتصالا مباشرا بفعله و یعد هذا الاتجاه الأكثر تضیقا لنطاق السببیة
● اتجاه السببیة المناسبة : یرى أصحاب هذا الاتجاه أن الفعل الصادر عن الجاني لا یعتبر سببا لوقوع نتیجة إجرامیة معینة إلا إذا تبین أن هذا الفعل صالح لإحداث تلك النتیجة وفقا للمجرى العادي للأمور .أي انه متى كان السبب كافیا بذاته لإنتاج الوفاة اعتبر هو المسبب لها
● اتجاه یرى بتعادل الأسباب : إذ یرى أنصاره أن كل الأسباب التي ساهمت في إحداث الضرر یتعین أخذها بعین الاعتبار، لا فرق بین الأسباب المباشرة والأسباب غیر المباشرة. إذ أن كل الأفعال تستحق أن توصف بأنها سبب النتیجة مهما ثبت أن الوفاة ما كانت لتحدث لولا تضافر الأسباب جمیعا.
و المشرع المغربي و إن اشترط توافر العلاقة بین السلوك و النتیجة لقیام جریمة القتل العمد فانه لو یضع ضابطا أو معیارا محددا له . وبذالك یترك تحدید العلاقة السببیة للسلطة التقدیریة للمحكمة .
الفقرة الثانیة :الركن المعنوي یمكن تعریف الركن المعنوي أو القصد الجنائي بأنه انصراف إرادة الجاني بصورة حرة إلى ارتكاب جریمة القتل وهو عالم بالفعل الذي یصدر عنه. ویتحقق القصد الجنائي عند توفر عنصرین هما العلم و الإرادة.
❖ العلم : إحاطة الجاني بجمیع الظروف و الوقائع المحیطة بالجریمة أي العلم بأنه یوجه فعل الاعتداء إلى إنسان حي وان هذا الفعل یشكل خطورة على حیاته .
❖ الإرادة : توفر نیة القتل لدى المتهم عن طواعیة و اختیار. قد تعتبر بعض الجرائم قتلا عمدا رغم انتفاء احد عناصر الركن المعنوي لدى الفاعل كما في :حالة اتجاه نیة الفاعل إلى ارتكاب القتل دون تحدید لشخص معین أي دون أن یستهدف ضحیة معینة وحالة وقوع الجاني في غلط أو خطا في الشخص المراد قتله و أیضا القتل الرحیم فمهما كان باعثه بریئا إلا أن جریمة القتل العمد تكون متحققة.
المطلب الثاني : القتل العمد في صورته المشددة قد تقترن جریمة القتل العمد بإحدى ظروف التشدید فتشدد تبعا لذلك العقوبة من السجن المؤبد إلى الإعدام.
الفقرة الأولى: اقتران القتل بجنایة عاقب المشرع بالسجن المؤبد القاتل عمدا (م 392 ق.ج ) إلا أنه شدد علیه العقوبة في نفس الفصول إذا أقرنه بجنایة حیث قال " لكن یعاقب بالإعدام في الحالتین الآتیتین: إذا سبقته أو صحبته أو أعقبته جنایة أخرى. و علة هذا التشدید الخطورة الكبیرة لمجرم لم یتورع في ارتكاب جرائم متعددة خلال فترة زمنیة محدودة.
❖ شروط التشدید: ارتكاب الجاني جریمة القتل العمد : یشترط أن یرتكب الجاني جریمة قتل عمدي متوفر فیها كافة أركان الجریمة وشروطها:
● اقتران جریمة القتل بجریمة أخرى تعد جنایة : یشترط لتشدید العقوبة ان تقترن جریمة القتل بجریمة مستقلة أخرى تعد جنایة حسب القانون الجنائي بغض النظر عن نوع تلك الجنایة.
● توافر رابطة زمنیة بین جریمة القتل العمد والجنایة الأخرى : ویقصد بها مرور فترة زمنیة من الوقت فاصلة بین ارتكاب جریمة القتل و ارتكاب الجنایة المقترنة بها هذه الفترة الزمنیة لم یحددها المشرع ومن ثم فقد تطول تلك الفترة وقد تقصر فقد تكون بضع ساعات وقد تكون بعد القتل بیوم أو یومین وتقدیر توافر تلك الرابطة الزمنیة هو أمر موضوعي متروك للقاضي تحدیده.
الفقرة الثانیة : ارتباط القتل بجنایة أو جنحة
نص المشرع على سبب التشدید هذا في الفقرة الأخیرة من ف.392 ق.ج. والتي تقضي بأنه: "...إذا كان الغرض منه – أي من القتل العمد –إعداد جنایة أو جنحة أو تسهیل ارتكابها أو إتمام تنفیذها أو تسهیل فرار الفاعلین أو شركائهم أو تخلیصهم من العقوبة " ویفترض التشدید في هذه الحالة أیضا تعدد الجرائم مع وجود رابطة سببیة بینهما.كأن یرتكب الجاني القتل من اجل تحقیق غرض إجرامي أخر كأن یقتل الجاني المجني علیه في السرقة لیتمكن من الفرار بالمسروقات أو یقضي على من یشاهده یرتكب السرقة كي یتخلص من شاهد إثبات ضده، وأساس التشدید في هذه الحالة هو اعتبار المشرع أن الجاني الذي لا یقف إجرامه عند جنایة القتل بل یتركب إلى جوارها جریمة أخرى إنما یدل على نفسیة خطرة ینبغي أن یهدد بالإعدام حتى یرتدع فإن لم یرتدع فلا مفر التخلص منه كما ترجع علة التشدید إلى دناءة الغایة التي من أجلها ارتكب جنایة القتل العمد.
❖ شروط التشدید ارتكاب الجاني جریمة القتل العمد : یشترط أن یرتكب الجاني جریمة قتل عمدي متوفر فیها كافة أركان الجریمة وشروطها : أن یستهدف الجاني بهذا القتل تحقیق إحدى الغایات المنصوص علیها قانونا على سبیل الحصر وهي إتباعا:
● الإعداد والتحضیر لارتكاب جنایة أو جنحة أیا كنت.
● تسهیل ارتكاب جنایة أو جنحة.
● إتمام تنفیذ الجنایة أو الجنحة.
● تسهیل قرار الفاعلین أو شركائهم أو تخلیصهم من المسؤولیة الجنائیة .
إن هذا الظرف المشدد یعد سببا شخصیا لأنه متعلق بهدف الفاعل وعلمه لذلك لا تشدد عقوبة الشركاء الذین ساهموا وشاركوا في القتل إذا لم یعلموا بأنه ینوي من القتل الوصول إلى ارتكاب الجنایة أو الجنحة حتى ولو ارتكبت بحضورهم أو بمساهمتهم.
الفقرة الثالثة : سبق الإصرار
شدد المشروع عقوبة القتل العمد إذا كان مرفقا بظرف سبق الإصرار ف393 ق.ج . وعرف هذا الأخیر في الفصل 394 ق.ج فقال :" سبق الإصرار هو العزم المصمم علیه قبل وقوع الجریمة على الاعتداء على شخص معین أو على أي شخص قد یوجد أو یصادف حتى ولو كان هذا العزم معلق على ظرف أو شر ط " . ترجع علة التشدید في عقوبة القتل مع سبق الإصرار نظرا لما یدل على خطورة إجرامیة في شخصیة الجان حیث قام بالتفكیر فئ ارتكاب الجریمة بهدوء وتروى و الإقدام على ارتكابها مع علمه بوجود العقوبة المشددة إلا أن وجود تلك العقوبة لم یردعه عن تنفیذها
❖ عناصر ظرف سبق الإصرار.
-عنصر زمني:وهي تلك الفترة الزمنیة التي تمر من وقت تفكیر الجاني فى الجریمة حتى وقت التنفیذ والبدء في ارتكاب الأفعال المادیة المكونة للجریمة.
-عنصر نفسي:وهي حالة الهدوء التي یمر بها الجاني في التفكیر في الجریمة وأسلوب ومیعاد ارتكابها و الحلول المناسبة في حالة وجود عناصر مفاجئة غیر متوقعة تظهر وقت التنفیذ.
فمتى توافر هذان العنصران نكون بصدد جریمة قتل مع سبق الإصرار.
❖ .طبیعة ظرف سبق الإصرار.
سبق الإصرار ظرف شخصي ، یترتب على ذلك أنه یمكن تواجده لدى بعض المتهمین دون البعض الآخر . ویسأل كل متهم بحسب قصده مشددا كان أو غیر مشدد .
الفقرة الرابعة : الترصد
عرف الفصل 395 ق.ج الترصد بقوله :" الترصد هو التربص فترة طویلة أو قصیرة في مكان واحد أو أمكنة مختلفة بشخص قصد قتله أو ارتكاب العنف ضده". وترجع علة التشدید في عقوبة المتهم نظرا لما یدل على خطورة إجرامیة في شخصیة الجاني بالإضافة إلى ما یدل على توافر الجبن والخسة والنذالة في شخصیة الجاني وخوفه من مواجهة المجني علیه وإحساسه بقوة المجني علیة التي قد تعوقه عن إتمام جریمته كما إن التربص یتوافر فیه عنصر المفاجأة بالنسبة للمجني علیة فیشل حركته ویمنعه من التفكیر في المقاومة مما یسهل على الجاني جریمته.
یقوم الترصد على عنصرین هما :
1 .عنصر مكاني أو عنصر المباغتة: وهو أساس التشدید و علته. فیتحقق الترصد عبر تربص الجاني بهدف مفاجئة المجني علیه و قتله. فإذا كان الوضع العادي للمترصد هو الاختباء والتستر إلا أن ذلك لیس أمرا لازما. ولذلك یعتبر الجاني مترصدا إذا وقف في طریق الضحیة مخفیا سلاحه ورآه هذا الأخیر من بعید ولكن دون أن یبدو ومنه ما ینبئ عن التهیؤ للعدوان ولما اقترب منه باغته بسلاحه وقتله.
2 .عنصر زمني: ویعني انقضاء فترة من الزمن والجاني یترقب أن تسمح له الفرصة بقتل الضحیة وهذه الفترة لم یحددها المشرع بزمن محدد. حیث المهم هو أن تمر مدة قد تطول كما قد تقصر والجاني ینتظر الفرصة كمرور المجني علیه أو خروجه من داره أو من إدارة أو مغادرته لحقل ... الخ لینفذ مشروعه الإجرامي.
وعموما فإن الترصد واقعة مادیة یستقل قاضي الموضوع بتقدیرها واستخلاص عناصرها في ضوء كل قضیة على حدة، وفق ظروفها وملابساتها. بید أن تكییف الوقائع وما إن كانت تشكل ترصدا أم لا تخضع لرقابة المجلس الأعلى الذي یتحقق من توافر عناصر الترصد القانونیة. إن الترصد بطبیعته یعتبر من الظروف العینیة فهو یتعلق بمادیات الجریمة وكیفیة تنفیذها ویستخلص من الوضعیة المكانیة للجاني-المتربص- أثناء تهیئة لتنفیذ الاعتداء وبالتالي فهو یسري على جمیع المساهمین والمشاركین ولو كانوا یجهلونه (الفصل 103 ق.ج) وهو في هذا یختلف عن سبق الإصرار الذي یعد ظرفا شخصیا لا شأن له بكیفیة تنفیذ الجریمة. وترتیبا لذلك فإن الترصد یعد ظرفا مادیا تتحقق به المحاولة حیث یهدف مباشرة إلى ارتكاب الجریمة في حین لا تتصور المحاولة في نطاق ظرف سبق الإصرار لأنه عمل ذهني صرف لا وجود له في العالم الخارجي.
الفقرة الخامسة: قتل الأصول
نص المشرع على جریمة قتل الأصول في الفصل 396 من القانون الجنائي بقوله:" من قتل عمدا أحد أصوله یعاقب بالإعدام ". و ترجع علة التشدید هنا ال أن الوالدین هما اللذان یبدأن بالإحسان مع الولد بالعنایة به والسهر على تربیته، ومعیشته فوجب أن یقابلهما بنفس المعاملة بعد كبره والاستقلال بنفسه وإذا حاد عن هذا السلوك الواجب علیه. وتجاوز ذلك إلى تعمد قتلهما وإزهاق روحهما فلا جدال أنه یعتبر عاقا وجاحدا لما أسدیاه إلیه من معروف واستحق عقوبة الإعدام لأن من تنكر لأبویه وداس بتصرفه الأحمق عاطفة الأبوة والأمومة لا ینتظر منه خیر للمجتمع ویكشف سلوكه هذا عن تحجر مشاعره، ویشترط ان یكون المجني علیه أصلا للجاني : والمقصود بالأصول في القانون المغربي الأب والجد وإن علا والأم والجدة وإن علت ویشترط في هذه القرابة أن تكون شرعیة من جهة الأب، أما من جهة الأم فیكفي فیها القرابة الطبیعیة وقد جاءت الفصل 146 مؤكدة لذلك بحیث سوت بین الأمومة الشرعیة للأم بأمومتها الطبیعیة خلاف للأب.
إن ظرف التشدید في قتل أحد الأصول ظرف شخصي لأنه یتعلق بعلاقة النسب التي تربط القاتل بالقتیل ولا علاقة له بالوقائع المادیة للجریمة وبناءا على ذلك طبقا للفصل 130 لا یسري هذا الظرف إلا على من توفر فیه أي الذي تربطه بعلاقة الأبوة دون باقي المساهمین والمشاركین معه في الجریمة.
الفصل الثاني : جریمة التسمیم.
تعتبر جریمة القتل بالسم من الجرائم الدنیئة التي تشددت التشریعات القدیمة والحدیثة على حد سواء في العقاب عنها. وینبعث حرص القوانین على ذلك كون القتل بهذه الوسیلة ینبني على غدر وخیانة. فالتسمیم یتم في الغالب من أكثر الناس اتصالا بالمجني علیه وقربا منه فهو ینطوي على خیانة كبرى تجرى في هدوء و كتمان ما یصعب إسنادها إلى الجاني وإثباتها علیه. و هي جریمة مستقلة عن جریمة القتل العمد ، و لایعتبر القتل بالتسمیم قتلا عمدیا مشددا. وقد نص المشرع الجنائي المغربي على هذه الجریمة في الفصل 398 بقوله " من اعتدى على حیاة شخص بواسطة مواد من شأنها أنتسبب الموت عاجلا أو أجلا أیا كانت الطریقة التي استعملت أو أعطیت بها تلك المواد وأیا كانت النتیجة یعد مرتكبا لجریمة التسمیم ویعاقب بالإعدام".وهي تعتبر من جرائم الخطر ولیس النتیجة.
المطلب الأول عناصر الجریمة
الفقرة الأولى : الفعل المادي
إن قوام الركن المادي لجریمة التسمیم هو استعمال أو إعطاء مادة سامة بطریقة من شانها ان تنفذ الفصل إلى جسمه بحیث تحدث الموت عاجلا أو أجلا .
1-المادة السامة المستعملة لتمام جریمة التسمیم لابد من توافر ركن مادي یتمثل في استعمال مواد من شانها إحداث الموت عاجلا أم أجلا و قد تكون تلك المواد من أصل نباتي أو حیواني أو معدني أو كیماوي... فلا أهمیة لذلك ، و قد تكون المادة بطبیعتها غیر سامة لكن ظروف تناول أو تعرض الضحیة لها یجعل منها سامة و من شانها ان تسبب الموت عاجلا او آجلا. وبالتالي یمكن القول بأن مناط التجریم لیس مقترنا بسیمة المادة و إنما بقدرة المادة المتناولة على إحداث الموت و إزهاق روح الضحیة. هذا و لم بشترك المشرع ان تكون المواد سامة بطبیعتها حسب منطوق الفصل 398 من القانون الجنائي. و إن احتفظ بتسمیة الجریمة بالتسمیم.
2- الوسیلة المستعملة في إعطائها للضحیة إن المشرع المغربي استعمل عبارة عامة و شاملة . واعتبر أي وسیلة استعملت في إعطاء المواد السامة للضحیة تحقق العنصر الثاني من الركن المادي،إما مباشرة أو عن طریق شخص آخر أو الاقتصار على تهیئة المادة التي من شأنها لأن تسبب الموت ة انتظار الضحیة لتتصل بجسمه، أو أن یستبدل الجاني دواءا ما بدواء آخر یتضمن خطرا على الضحیة.
الفقرة الثانیة: القصد الجنائي
جریمة التسمیم جریمة عمدیة قوامها القصد الجنائي ویتحقق هذا العنصر بعلم الجاني بان المادة التي یستعملها أو یعطیها للضحیة من شانها قتله أجلا ام عاجلا كما یجب أن تتحقق إرادة الفاعل إلى دلك والنتیجة معا. وبناءا علیه إذا قدم الفاعل المادة السامة وهو یجهل طبیعتها أو قدمها للضحیة خطا أو تدلیس إجرامي من الغیر فان القصد الجنائي ینتفي وان كان ذلك لا یمنع من إمكانیة متابعته بجریمة القتل الخطأ المنصوص علیها في الفصل 432 من القانون الجنائي. كما ینتفي القصد الجنائي إذا كان یعلم الفاعل بطبیعة المادة السامة التي قدمها للضحیة ولكن دون قصد القضاء على حیاته.
الفقرة الثالثة : المحاولة و العدول الإرادي في جریمة التسمیم
إذا كانت جریمة التسمیم كما وصفها المشرع بأنها جریمة شكلیة تامة، فإن أحكام المحاولة في الجریمة الخائبة أو المستحیلة لاتتحقق فیها ، و هو الأمر الذي نتصور معه أن الشروع في اقتراف جریمة التسمیم من غیر حصول الأثر المتوخى منها أي النتیجة المرجوة منها لظروف خارجة عن إرادة الجاني و اتصال المادة بجسم الضحیة یتحقق معه النموذج التشریعي لجریمة التسمیم و بالتالي تقوم المسؤولیة الجنائیة. أما بالنسبة للعدول الإرادي فیتحقق متى تراجع الفاعل عن استعمال أو إعطاء الفصل السامة دون تدخل أي عامل خرجي.
الفصل الثالث : جریمة القتل الخطأ.
القتل الخطأ هو جریمة غیر عمدیة قوامها الخطأ الجنائي وقد نص المشرع علیها في الفصل 432 ق.ج " من ارتكب بعدم تبصره أو عدم احتیاطه أو عدم انتباهه أو إهماله أو عدم مراعاته النظم والقوانین قتلا غیر عمدي أو تسبب فیه عن غیر قصد... " . و هو یتحقق بنشاط إرادي لم یقصد منه الجاني تحقیق النتیجة، غیر أن هذا النشاط یتسم بعدم التبصر و الإهمال أو مخالفة للأنظمة و القوانین و علیه فإن أركان الجریمة تتلخص في ركنین هما العنصر المادي و العنصر المعنوي. ولقد عاقب المشرع على القتل الخطأ في الحالة العادیة بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وغرامة مالیة من 250 على 1000درهم وهي جنحة تأدیبیة . یلاحظ من خلال مقتضیات الفصل 432 من ق ج بأن العقوبة تتكون من الحبس والغرامة معا . بحیث لم یترك فیها للقضاء حریة الاختیار بین العقوبة السالبة للحریة والغرامة المالیة. وتبدو العقوبة بصورتها هذه خاصة عقوبة الحبس فیها كثیر من القسوة خاصة بالنسبة لكثیر من طوائف الجناة الذین یرتكبون جرائم القتل غیر العمدیة كحوادث السیر التي یكون الإنسان وتهوره أحیانا نصیب في وقوعها .
المطلب الأول : أركان جریمة القتل العمد.
الفقرة الأولى : الركن المادي :
بما أن جریمة القتل الخطأ هي من جرائم النتیجة، فإن العنصر المادي المكون لها یتحقق أولا بفعل صادر من الجاني و نتیجة إجرامیة و علاقة سببیة. بناءا على هذا الفصل 432 ق.ج فإن جریمة القتل الخطأ تشترك مع جریمة القتل العمد في الركن المادي الذي هو فعل الاعتداء الصادر عن الجاني وان یتسبب هذا الفعل إلى حدوث نتیجة إجرامیة.
❖ فعل الجاني / النشاط الإجرامي و هو عبارة عن النشاط المادي الخارجي المكّون للجریمة و السبب في الوفاة دون نیة إحداثها، فهو عبارة عن حركة الجاني الاختیاریة التي تحدث إزهاق روح إنسان.و یستوي أن یكون هذا النشاط سلبیا أو ایجابیا.
❖ النتیجة الإجرامیة جریمة القتل الخطأ لا تتحقق أبدا ما لم یمت المجني علیه بسبب نشاط الجاني مهما كان الخطأ الذي ارتكبه هذا الأخیر من الفداحة والجسامة.
❖ العلاقة السببیة لكي یقوم الركن المادي في جریمة القتل الخطأ لا بد وأن تتوافر رابطة السببیة بین نشاط القاتل والنتیجة الإجرامیة التي هي الوفاة، بمعنى أن یكون هذا النشاط هو السبب المباشر لحصول النتیجة، وإن انتفت هذه العلاقة انتفت الجریمة .
الفقرة الثانیة: الركن المعنوي / الخطأ الجنائي
قوام الركن المعنوي في جریمة القتل الخطأ هو الخطأ الجنائي وتكتسي دراسة هذا العنصر أهمیة قصوى خصوصا مع اتساع نطاق الجرائم غیر العمدیة في العصر الحاضر نتیجة التقدم العلمي والتكنولوجي المتزاید.
❖ تعریف الخطأ الجنائي بالرجوع إلى القانون الجنائي المغربي نجد أن المشرع لم یعرف الخطأ الجنائي ولم یبین ماهیته لدى عموما یمكن جمع هذه التعاریف في تفسیر الخطأ بأنه الانحراف من سلوك الشخص العادي المتبصر الموجود في نفس ظروف مرتكب الخطأ فالفاعل عندما یقوم بالعمل الإیجابي أو الامتناع یكون من جهة لا یتوقع نهائیا حدوث الموت بسبب تصرفه أو كان یتوقعه على وجه الاحتمال ویقصد به مجرد الاحتمال البسیط أو الضعیف .
❖ عناصر الخطأ الجنائي یستفاد من تعریف الخطأ غیر العمدي بالتصرف الذي لا یتفق مع الحیطة التي ّلا بتوافر عنصرین ، هما : تتطلبها الحیاة الاجتماعیة ، أ ّن الخطأ لا یقوم إ ❖ الإخلال بواجبات الحیطة و الحذر یجب أن نلاحظ هنا الفرق بین السلوك وبین طریقة إتیانه الفعل، فالسلوك في حد ذاته قد یكون مباحا ومصرحا به قانونا.ولكن الجاني لم یأت به على النحو الذي رسمه القانون أو أقرته الخبرة الإنسانیة العامة في هذا المجال.
❖ العلاقة النفسیة بین الإرادة و النتیجة : هذه العلاقة النفسیة تأخذ أحد الصورتین، إما أن الجاني لم یتوقع النتیجة مطلقا حینما أتى فعله، وبالتالي لم یبذل الجهد الكافي للحیلولة دونها في حین انه كان في إمكانه ذلك وكان من واجبه وهو ما یطلق علیه “ بالخطأ بدون تبصر “ ، أما الصورة الثانیة فتتجلى في أن یتوقع الجاني حدوث النتیجة ولكنه لا یرغب في حدوثها ویعتمد على مهاراته أو قدراته في تلافي حدوثها. الفقرة الثالثة : صور الخطأ الجنائي تتعدد صور الخطأ في القانون الجنائي وغالبا تتمثل في الإهمال أو الرعونة أو عدم الانتباه أو عدم الاحتیاط، أو عدم مراعاة الأنظمة. فكل صورة من هذه الصور یتحقق بها الخطأ الموجب لقیام المسؤولیة الجنائیة عن الجریمة غیر العمدیة .
✔ عدم التبصر : تقوم هذه الصورة من صور الخطأ الجنائي كلما أبان تصرف الفاعل عن سوء تقدیر الأمور، أو كون الشخص تنقصه المهارة والبراعة الجسمانیة فإذا كان تصرف الإنسان العادي إزاء موقف معین یتطلب منه نوعا من الرؤیة والحذر لتقدیر نتائج ذلك التصرف نجد الجاني في هذه الحالة یندفع عند أول خاطر یحول بذهنه دون إعمال ذلك التقدیر . وهذا النوع من الخطأ غالبا ما یرتكب في إطار مهني فني من طرف الأطباء والصیادلة وغیرهم ممن یتسببون في قتل إنسان نتیجة عدم قیامهم بعملهم كما یجب أوجهاهم لقواعد المهنة التي لا یجوز لمثلهم جهلها أو عدم القیام بها كما ینبغي.
✔ عدم الاحتیاط : وهو صورة للخطأ الذي ینطوي علیه نشاط إیجابي ویتحققان عندما یقدم الفاعل على تصرف یدرك خطورته وما یترتب علیه من نتائج ضارة ورغم ذلك لا یتخذ الاحتیاطات اللازمة التي تكفل درئ المخاطر وتلافي حصولها .
✔ الإهمال وعدم الانتباه : وهما صورتان للخطأ الجنائي الذي ینطوي علیه نشاط سلبي ترك أو امتناع یتمثل في إغفال الفاعل اتخاذ الحیطة التي یوجبها الحذر ، و الذي لو أتخذه لما وقعت النتیجة . كأن یتسبب الشخص في قتل إنسان أو جرحه بإهماله.
✔ عدم مراعاة النظم و القوانین : المقصود بالنظم والقوانین كل ما یصدر من تشریعات سواء من السلطة التشریعیة أو التنفیذیة في الحدود التي تختص بها قانونا. وتمتد لتشمل تنظیمات القواعد العرفیة المتعارف علیها في المجال الذي وقع فیه الخطأ.
الفقرة الرابعة: ظروف التشدید في جریمة القتل الخطأ.
ینص الفصل 434 على أنه " تضاعف العقوبات المقررة في الفصلین السابقین 432-433 .إذا كان الجاني قد ارتكب الجنحة وهو في حالة سكر ، وكان قد حاول التخلص من المسؤولیة الجنائیة أو المدنیة التي قد یتعرض لها ، وذلك بفراره عقب وقوع الحادث أو تغییر حالة مكان الجریمة أو بأیة وسیلة أخرى" . فكما هو ظاهر من الفصل فإن المشرع أمر القاضي بمضاعفة العقوبة عند توافر أسباب اعتبرها من قبیل الظروف المشددة الخاصة بجریمة القتل الخطأ فهذه الظروف یمكن تمییزها إلى نوعین فهي إما ظروف مبنیة على حالة الفاعل مرتكب الجنحة وهو في حالة سكر ، أو ظروف مبینة على موقفه اللاحق للحادثة والذي یكشف عن انه یرید التخلص من المسؤولیة.
الفصل الرابع : جریمة الإجهاض.
لاشك أن من السمات التي تمیز القانون الجنائي و تجعله في مصاف القواعد القانونیة التي تحمي الحق في الحیاة حتى بالنسبة للجنین الذي لم یرى النور بعد ، هو جعل الإجهاض في عداد الجرائم المعاقب علیها، بل إن عملیة الإجهاض و إن كانت على ید طبیب مختص تكتسي خطورة على حیاة الأم و الجنین معا. یمكن تعریف الإجهاض بأنه الفعل الذي من شأنه إنهاء حالة الحمل عبر قتل الجنین ً من رحمها قبل الموعد الطبیعي لولادته، حتى ولو خرج حیا ً في رحم أمه أو إخراجه عمدا نتیجة أعراض ً أو میتا ً إذا خرج الجنین من الرحم حیا ً ًلا للحیاة. ولا یعتبر إجهاضا وقاب صحیة أدت إلى تقلصات في عضلات الرحم. وقد حرصت أغلبیة التشریعات على معاقبة فعل الإجهاض واعتباره جریمة جزائیة لأنه یشكّل اعتداء على حق الجنین في الحیاة وفي نموه الطبیعي داخل الرحم حتى الولادة الطبیعیة، كما یشكّل اعتداء على صلاحیة المرأة في الحمل والإنجاب، وكذلك على حق ً لاستمراره وازدهاره. المجتمع في التكاثر ضمانا.
المطلب الأول : عناصر جریمة الإجهاض
ینص الفصل 449 على أنه :" من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو یضن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقیر أو تحالیل أو عنف أو أیة وسیلة أخرى، یعاقب ...". كما ینص الفصل 453 على أنه: "لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على الأم متى قام به علانیة طبیب أو جراح بإذن من الزوج..." محل الاعتداء في جریمة الإجهاض هو الجنین و التشریعات المختلفة تنص على حمایة هذا الأخیر في ذاته مستقلا عن أمه وتصون حقه في الحیاة داخل الرحم حتى ولادته الطبیعیة.
الفقرة الأولى : الركن المادي لجریمة الاجهاض.
و یتمثل في كل فعل أو سلوك یقوم به الجاني مستهدفا به المرأة الحامل بغرض إسقاط جنینها ووضع حد لحیاته. وقد جاء الفصل 449 شامل حیث لم یحدد وسیلة بعینها یتحقق بها النشاط المادي في جریمة الإجهاض فیستوي أن یتم ذلك بالعنف أو باستعمال العقاقیر أو طعام أو شراب أو تحالیل أو أي وسیلة أخرى. ویذهب بعض الفقه إلى أن الوسیلة المستخدمة في الإجهاض قد تكون معنویة كتهدید المرأة الحامل أو تخویفها أو ترویعها. ثم إن رضا المرأة الحامل لا أثر له على قیام الجریمة فیستوفي أن توافق على إجهاضها أو ترفض ذلك، كما تقوم الجریمة في حال الاحتیال علیها كإعطائها مواد أو عقاقیر دون علمها، أو إیهامها بإجراء فحص طبي لها فیتم استئصال حملها عن جهل منها. وإذا تحققت النتیجة الإجرامیة من الفعل المادي وهي القضاء على الجنین تتحقق جریمة الإجهاض بصورة كاملة و تامة أما إذا لم تتحقق النتیجة فإننا نكون بصدد محاولة إجهاض عاقب علیها المشرع الجنائي بمقتضى الفصل 449 و الفصل 455.
الفقرة الثانیة : انتفاء الخطر على حیاة الأم أو صحتها
یسمح المشرع بالإجهاض إذا استوجبت ضرورة المحافظة على صحة الأم و انقاد حیاتها طبقا للفصل 453 ق.ج بمعنى أنه إذا كان الحمل یشكل خطرا على صحة الأم أو حیاتها فانه یجوز القیام بإجهاضه. و قد حددت الفصل 453 الإجراءات القانونیة الواجب القیام بها إذا استوجبت الإجهاض ضرورة المحافظة على الأم و ذلك بنصها على أنه :"لا عقاب على الإجهاض إذا استوجبته ضرورة المحافظة على الأم متى قام به علانیة طبیب أو جراح بإذن من الزوج".
الفقرة الثالثة: القصد الجنائي
یتحقق القصد الجنائي في جریمة الإجهاض بتوافر عنصري العلم و الإرادة.
✔ عنصر العلم یقتضي أن یكون الفاعل عالما بأن المرأة التي توجه إلیها حاملا أما إذا كان جاهلا بذلك و أدى فعله إلى إجهاضها فانه لا یسأل عن جریمة الإجهاض و إن كان من الممكن تحقق جریمة أخرى في حال توافر عناصرها. ولا یشترط في هذا العلم أن یكون یقینیا بل یكفي أن یضن الفاعل أن المرأة حاملا حتى یتحقق عنصر العلم لدیه حسب ما نص علیه الفصل 449 ..." من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو یضن أنها كذلك..."
✔ عنصر الإرادة فیقتضي أن تتجه إرادة الجاني إلى القیام بالفعل الإجرامي و تحقیق النتیجة الإجرامیة و المتمثلة في إجهاض الجنین أي وضع حد لحیاته فالإرادة تمتد لتشمل النشاط و النتیجة معا، أما إذا لم تنصرف إرادة الشخص إلى تحقق هذه النتیجة فلا یسأل عن جریمة الإجهاض و لو تحققت النتیجة فعلا.
المطلب الثاني : ظروف التشدید في جرائم الإجهاض
إذا كان المشرع قد حدد عقوبة جریمة الإجهاض في الحبس من سنة إلى خمس سنوات و غرامة من مائتین إلى خمسمائة درهم فإنه شدد هذه العقوبة في حال اقترنت جریمة الإجهاض بإحدى ظروف التشدید .
1 .موت المجني علیها الحامل إذا ترتب عن الإجهاض موت المرأة الحامل فان العقوبة طبقا للفصل 449 ق.ج هي السجن من 10 سنوات إلى 20 سنة . سواء كان الإجهاض بموافقتها أو بدونه
2 .اعتیاد الجاني ممارسة للإجهاض ورد في الفصل 450 ق.ج أن ممارسة الجاني للإجهاض بصفة معتادة تعد ظرف تشدید لعقوبة الحبس لتصل إلى عشر سنوات و غرامة مالیة تقدر بألف درهم في حالة عدم اقتران الإجهاض بموت المجني علیها، أما إذا اقترن بموتها فالعقوبة هي الحبس من عشرین إلى ثلاثین سنة. و لم یحدد المشرع عدد المرات التي یتحقق معها الاعتیاد بل ترك الأمر للقاضي یستنتجه من ملابسات و وقائع و ظروف كل قضیة على حدة. كما لا یتحقق عنصر الاعتیاد في حق المرأة الحامل إذا أجهضت المرأة نفسها مرارا بل یتحقق فقط في حق الغیر.
3 .المساعدة و التحریض على الإجهاض : فبخصوص المساعدة تنص الفصل 451 من القانون الجنائي على أن " الأطباء و الجراحون و ملاحظو الصحة و أطباء الأسنان أو الصیدلة و عمال الصیدلیات و العشابون و المضمدون وبائعو الأدویة الجراحیة و الممرضون و المدلكون و المعالجون بالتسبب و القابلات العرفیین الذین یرشدون إلى وسائل تحدث الإجهاض أو ینصحون باستعمالها أو یباشرونها یعاقبون بالعقوبة المقررة في أحد الفصلین 449 و 450 على حسب الأحوال. و یحكم على مرتكب الجریمة علاوة على ذلك بالحرمان من مزاولة المهنة المقررة في الفصل 87 إما بصفة نهائیة أو مدة محدودة". أما بخصوص التحریض على الإجهاض فقد نص الفصل 455 على أنه :" یعاقب بالحبس من شهرین إلى سنتین و غرامة من مائتین إلى ألفي درهم أو بإحدى هاتین العقوبتین فقط كل من حرض على الإجهاض و لم یؤدي هذا التحریض إلى نتیجة ما.
الفصل الخامس : جریمة السرقة.
السرقة هي اعتداء على ملكیة منقول و حیازته بنیة تملكه و قد تعرض المشرع المغربي لهذه الجریمة في الفصل 505 ق.ج .و الذي جاء فیه "من اختلس عمدا مالا مملوكا للغیر یعد سارقا..." وتتحقق جریمة السرقة بتحقق أركانها.
المطلب الأول : أركان جریمة السرقة
-أولا: الركن المادي لجریمة السرقة ( الاختلاس )
یقصد بالركن المادي فى جریمة السرقة ما یتطلبه القانون فیها من عناصر مادیة ملموسة یمكن إدراكها بالحواس ، ویتمثل الركن المادي فى واقعة الاختلاس ، ویقصد بالاختلاس الاستیلاء على الشيء " المنقول " بغیر رضاء مالكه أو حائزة . ویقوم الاختلاس كركن مادي لجریمة السرقة عى عنصرین :
✔ سلب المال و نزع حیازة المالك له :حتي یتحقق معنى الاختلاس في جریمة السرقة ، لا بد ان یؤدي إلى الاعتداء على حیازة منقول بنقل هذه الحیازة نق ًلا غیر مشروع من حوزة الشخص المجني علیه إلى حوزة المتهم بالسرقة .
✔ انتفاء رضا الضحیة : یتمثل الاختلاس في نشاط یتمثل في استیلاء الفاعل على الشيء المسروق دون رضاء المجني علیه. وأحیانا یتم الاختلاس دون علم المجني علیه أي یتم خلسة.
-ثانیا: محل جریمة السرقة
✔ أن یكون محل السرقة مالا : المقصود به كل شيء مادي قابل للتملك وتكون له قیمة مادیة ویدخل عناصر الذمة المالیة للشخص.
✔ أن یكون المال منقولا : أي ان یكون محل السرقة شيء یمكن نقله من مكان إلى آخر ویشمل الحیوان والجماد صلبا كان أو سائلا كالماء والغاز.
✔ أن یكون مملوكا للغیر : لا یتحقق الاختلاس في السرقة إلا إذا كلن المال المنقول مملوكا قانونا للغیر ولو لم یكن معروفا من هو مالكه . فیكفي لقیام السرقة إثبات عدم ملكیة السارق للشيء.
-ثالثا : الركن المعنوي لجریمة السرقة
تعتبر السرقة من الجرائم العمدیة التي یتخذ فیها الركن المعنوي صورة القصد الجنائي،والقصد الجنائي-كما هو معلوم- یتكون من عنصرین هما العلم والإرادة.وهو في جریمة السرقة یتضمن العلم بعناصر الجریمة أي یجب أن یعلم الجاني بأنه یستولي على منقول مملوك للغیر بدون رضاه،وأن تتجه إرادته إلى فعل الأخذ أو الاختلاس،أي الاستیلاء على الحیازة الكاملة. وبالإضافة إلى القصد العام، فإنه یجب توافر قصد خاص في جریمة السرقة هو نیة التملك.وسوف نقسم هذا المطلب إلى فرعین،الأول نخصصه للقصد العام والثاني للقصد الخاص.
4133 قراءة